ابن الأعرابي. وقوله تعالى: إن رحمة الله قريب من المحسنين، ولم يقل قريبة، لأنه أراد بالرحمة الإحسان ولأن ما لا يكون تأنيثه حقيقيا، جاز تذكيره، وقال الزجاج: إنما قيل قريب، لأن الرحمة، والغفران، والعفو في معنى واحد، وكذلك كل تأنيث ليس بحقيقي، قال: وقال الأخفش جائز أن تكون الرحمة ههنا بمعنى المطر، قال: وقال بعضهم هذا ذكر ليفصل بين القريب من القرب، والقريب من القرابة، قال: وهذا غلط، كل ما قرب من مكان أو نسب، فهو جار على ما يصيبه من التذكير والتأنيث، قال الفراء: إذا كان القريب في معنى المسافة، يذكر ويؤنث، وإذا كان في معنى النسب، يؤنث بلا اختلاف بينهم. تقول: هذه المرأة قريبتي أي ذات قرابتي ، قال ابن بري: ذكر الفراء أن العرب تفرق بين القريب من النسب، والقريب من المكان، فيقولون: هذه قريبتي من النسب، وهذه قريبي من المكان، ويشهد بصحة قوله قول امرئ القيس:
له الويل إن أمسى، ولا أم هاشم * قريب، ولا البسباسة ابنة يشكرا فذكر قريبا، وهو خبر عن أم هاشم، فعلى هذا يجوز: قريب مني، يريد قرب المكان، وقريبة مني، يريد قرب النسب. ويقال: إن فعيلا قد يحمل على فعول، لأنه بمعناه، مثل رحيم ورحوم، وفعول لا تدخله الهاء نحو امرأة صبور، فلذلك قالوا: ريح خريق، وكنيبة خصيف، وفلانة مني قريب. وقد قيل: إن قريبا أصله في هذا أن يكون صفة لمكان، كقولك: هي مني قريبا أي مكانا قريبا، ثم اتسع في الظرف فرفع وجعل خبرا.
التهذيب: والقريب نقيض البعيد يكون تحويلا، فيستوي في الذكر والأنثى والفرد والجميع، كقولك: هو قريب، وهي قريب، وهم قريب، وهن قريب. ابن السكيت: تقول العرب هو قريب مني، وهما قريب مني، وهم قريب مني، وكذلك المؤنث: هي قريب مني، وهي بعيد مني، وهما بعيد، وهن بعيد مني، وقريب، فتوحد قريبا وتذكره لأنه إن كان مرفوعا، فإنه في تأويل هو في مكان قريب مني.
وقال الله تعالى: إن رحمة الله قريب من المحسنين. وقد يجوز قريبة وبعيدة، بالهاء، تنبيها على قربت، وبعدت، فمن أنثها في المؤنث، ثنى وجمع، وأنشد:
ليالي لا عفراء، منك، بعيدة * فتسلى، ولا عفراء منك قريب واقترب الوعد أي تقارب. وقاربته في البيع مقاربة.
والتقارب: ضد التباعد. وفي الحديث: إذا تقارب الزمان، وفي رواية: إذا اقترب الزمان، لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، قال ابن الأثير: أراد اقتراب الساعة، وقيل اعتدال الليل والنهار، وتكون الرؤيا فيه صحيحة لاعتدال الزمان. واقترب: افتعل، من القرب.
وتقارب: تفاعل، منه، ويقال للشئ إذا ولى وأدبر: تقارب.
وفي حديث المهدي: يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر، أراد: يطيب الزمان حتى لا يستطال، وأيام السرور والعافية قصيرة، وقيل: هو كناية عن قصر الأعمار وقلة البركة.
ويقال: قد حيا وقرب إذا قال: حياك الله، وقرب دارك.
وفي الحديث: من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، المراد بقرب العبد