قوله " وبأداء تركه إلى همزتين عند الخليل كجاء " أي: أن الخليل يعرف القلب بهذا ويحكم به، وهو أن يؤدى تركه إلى اجتماع همزتين، وسيبويه لا يحكم به وإن أدى تركه إلى هذا، وذلك في اسم الفاعل من الأجوف المهموز اللام نحو ساء وجاء، وفى جمعه على فواعل نحو جواء وسواء جمعي جائية وسائية وفى الجمع الأقصى لمفرد لامه همزة قبلها حرف مد كخطايا في جمع خطيئة، وليس ما ذهب إليه الخليل بمتين، وذلك لأنه إنما يحترز عن مكروه إذا خيف ثباته وبقاؤه، أما إذا أدى الامر إلى مكروه وهناك سبب لزواله فلا يجب الاحتراز من الأداء إليه، كما أن نقل حركة واو نحو مقوول إلى ما قبلها وإن كان مؤديا إلى اجتماع الساكنين لم يجتنب لما كان هناك سبب مزيل له، وهو حذف أولهما، وكذا في مسئلتنا قياس موجب لزوال اجتماع الهمزتين، وهو قلب ثانيتهما في مثله حرف لين كما هو مذهب سيبويه، وإنما دعا الخليل إلى ارتكاب وجوب القلب في مثله أداء ترك القلب إلى إعلالين كما هو مذهب سيبويه، وكثرة القلب في الأجوف الصحيح اللام، نحو شاك وشواع في شائك وشوائع، لئلا يهمز ما ليس أصله الهمز والهمز مستثقل عندهم كما يجئ في باب تخفيف الهمزة، ويحذفه بعضهم فيما ذكرت حذرا من ذلك، فيقول: رجل هاع لاع بضم العين، فلما رأى فرارهم من الأداء إلى همزة في بعض المواضع أوجب الفرار مما يؤدى إلى همزتين، وأما سيبويه فإنه يقلب الأولى همزة كما هو قياس الأجوف الصحيح اللام نحو قائل وبائع، ثم يقلب الهمزة الثانية ياء لاجتماع همزتين ثانيهما لام كما سيجئ تحقيقه في باب تخفيف الهمزة، فيتخلص مما يجتنبه الخليل مع عدم ارتكاب القلب الذي هو خلاف الأصل، وقد نقل سيبويه عن الخليل مثل ذلك أيضا، وذلك أنه حكى عنه أنه إذا اجتمعت همزتان في كلمة واحدة اختير تخفيف الأخيرة نحو جاء وآدم، فقد حكم على ما ترى بانقلاب ياء الجائي عن الهمزة، وهو عين مذهب سيبويه
(٢٥)