محل الضمير، إلا ذلك الضمير، فنقول: إنه وإن لم يتقدم لفظا ولا معنى 1، إلا أنه في حكم المتقدم نظرا إلى وضع ضمير الغائب، وإنما يقتضي ضمير الغائب تقدم المفسر عليه لأنه وضعه الواضع معرفة لا بنفسه بل بسبب ما يعود عليه، فإن ذكرته ولم يتقدمه مفسره بقي مبهما منكرا لا يعرف المراد به حتى يأتي مفسره بعده، وتنكيره خلاف وضعه، فإن قلت: فأيش 2 الحامل لهم على مخالفة مقتضي وضعه بتأخير مفسره عنه، قلت: قصد التفخيم والتعظيم في ذكر ذلك المفسر، بأن يذكروا أولا شيئا مبهما، حتى تتشوق نفس السامع إلى العثور على المراد به، ثم يفسروه فيكون أوقع في نفس، وأيضا، يكون ذلك المفسر مذكورا مرتين، بالأجمال أولا، والتفصيل ثانيا، فيكون آكد، فإن قلت: فهذا الضمير الذي هذا حاله، أيبقى على وضعه معرفا أم يصير نكرة، لعدم شرط التعريف، أعني تقدم المفسر؟، قلت: الذي أرى أنه نكرة، كما يجئ في باب المعرفة، وعند النجاة:
يبقى معرفا، لكن تعريفه أنقص مما كان في الأول 3، لأن التفسير يحصل بعد ذكره مبهما، فقبل الوصول إلى التفسير، فيه الإبهام الذي في النكرات، ولهذا جاز دخول (رب) عليه، مع اختصاصها بالنكرات، وإنما حكموا ببقائه على وضعه من التعريف، لأنه حصل جبران 4 ما فاته بذكر المفسر بعده بلا فصل، فهو كالمضاف الذي يكتسي التعريف من المضاف إليه، أما الجبران في ربه رجلا، ونعم رجلا، وبئس رجلا، و: (ساء مثلا) 5 فظاهر، لأن الاسم المميز المنصوب لم يؤت به إلا لغرض التمييز والتفسير، فنصبه على التمييز مع عدم انفصاله