ومع الفصل قد يؤكد بالمنفصل، كقوله تعالى: (فكبكبوا فيها هم والغاوون) 1، و: (ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا) 2، وقد لا يؤكد 3، والأمران متساويان، فلذا قال: ويجوز تركه، وإنما جاز الترك لأن طول الكلام قد يغني عما هو الواجب، فيحذف طلبا للاختصار، نحو قولك: حضر القاضي امرأة، و:
الحافظو عورة العشيرة 4... 289 بالنصب، فكيف لا يغني عما ليس بواجب بل هو الأولى، وذلك أن مذهب البصريين أن التأكيد بالمنفصل هو أولى، ويجوزون العطف بلا تأكيد ولا فصل، لكن على قبح، لا أنهم حظروه أصلا بحيث لا يجوز أن يرتكب، وأما الكوفيون فيجوزون العطف المذكور بلا تأكيد ولا فصل من غير استقباح، قوله: (وإذا عطف على المضمر المجرور أعيد الخافض)، إنما لزم ذلك، لأن اتصال الضمير المجرور بجاره، أشد من اتصال الفاعل المتصل، لأن الفاعل إن لم يكن ضميرا منفصلا جاز انفصاله، والمجرور لا ينفصل من جاره سواء كان ضميرا أو ظاهرا، فكره العطف عليه، إذا يكون كالعطف على بعض حروف الكلمة، فمن ثم، لم يجز، إذا عطفت المضمر على المجرور، إلا إعادة الجار أيضا، نحو: مررت بزيد وبك، والمال بين زيد وبينك، وليس للمجرور ضمير منفصل، كما يجئ في المضمرات، حتى يؤكد به أولا ثم يعطف عليه، كما عمل في المرفوع المتصل، فلم يبق إلا إعادة العامل الأول، سواء كان اسما، نحو: المال بيني وبين زيد، أو حرفا نحو: مررت بك وبزيد، ولا يعاد العامل الاسمي إلا إذا لم يشك أنه لم يجلب 5 إلا لهذا الغرض، وأنه لا معنى