فلما كان تعقب مضمون ما بعد ء الا) لمضمون ما قبلها هو المراد، وكان معنى حرف النفي مع (إلا) يفيد معنى الشرط والجزاء، أعني لزوم الثاني للأول، جاز أن يعتبر معنى الشرط والجزاء مع حرف النفي وإلا، فيصاغ ما قبل إلا، وما بعدها صوغ الشرط والجزاء، وذلك إما بكونهما ماضيين، نحو: ما زرتني إلا أكرمتك، أو مضارعين نحو: ما أزوره إلا يزورني، ومثل هذا هو الغالب في الشرط والجزاء، أعني كونهما ماضيين أو مضارعين، فجاز كون الماضي الذي بعد (إلا) ههنا مجردا عن (قد) والواو، مع أنه حال، كما ذكرنا في باب الحال، 1 وذلك لكونه متضمنا معنى الجزاء، فيؤتى به ماضيا أو مضارعا مع الواو، نحو: ما زرته إلا وأكرمني، ولا أزوره إلا ويكرمني، وإنما اطرد الواو مع هذا النظر لكون هذا الحال غير مقترن مضمونه بمضمون عامله كما هو الغالب في الحال، نحو: جاءني زيد راكبا، ولفظه، أيضا، منفصل عن العامل بالا، فجاز أن يستظهر 3 مطردا، في ربط مثل هذه الحال بعاملها لفظا، بحرف الربط أي الواو، فمن ثم، اطرد نحو: ما أزوره إلا ويكرمني، وندر: قمت وأصك عينه، كما مر في باب الحال، ويجيئ في الماضي مع الواو (قد) أيضا، نحو: ما زرته إلا وقد زارني، ولا يجوز الاقتصار على (قد)، فلا يقال: ما زرته إلا قد زارني لأنك إن نظرت إلى معنى الجزاء الذي يستفاد من مثل هذه الحال، فالجزاء لا يتجرد عن الفاء إذا كان مع (قد)، كما يجيئ في بابه، وإن نظرت إلى الحال الذي هو أصله فليس فيه حرف الربط المذكور، وإنما قلنا إن الأغلب في الحال مقارنة مضمونه لمضمون عامله، لأنه قد يجيئ بخلاف
(١٣٩)