ومنع ابن مالك، وهو الحق، من مضي خبر (صار) و (ليس) و (ما دام )، وكل ما كان ماضيا من: ما زال ولا زال ومرادفتها 1،.
أما (صار) فلكونها ظاهرة في الانتقال، في الزمن الماضي، إلى حالة مستمرة، وهي مضمون خبرها، نحو: كنت فقيرا فصرت غنيا، وإن جاز مع القرينة ألا يستمر به الحال المنتقل إليها، كقول المريض: كنت مريضا ثم صرت متماثلا، ثم نكست، وكذلك ما زال وأخواتها، موضوعة لاستمرار مضمون أخبارها في الماضي إلا أن تمنع قرينة، وما يصلح للاستمرار هو الاسم الجامد، نحو: هذا أسد، أو الصفة، نحو:
زيد قائم، أو غني، أو مضروب، أو الفعل المضارع نحو: زيد يقدم في الحروب، ويسخو بموجوده، أي هذه عادته، لأنه وإن كان في الأصل فعلا دالا على أحد الأزمنة، إلا أنه، لمضارعته اسم الفاعل لفظا ومعنى، يستعمل غير مفيد للزمان استعماله 2، فلذلك إذا قلت: كنت رأيت زيدا، لا يدل على الاستمرار، وإذا قلت: كنت أراه ، فظاهره الاستمرار، فناسبت الثلاثة، أي الجامد، والصفة، والمضارع، لصلاحيتها للاستمرار، أن تقع أخبارا لصار، وما زال وأخواتها، بخلاف الماضي، فإنه لا يستعمل في الاستمرار استعمال هذه الثلاثة، فلم يقع خبرا لهذه الأفعال، وأما (ما دام) فلم يقع خبرها ماضيا، لأن (ما) المفيدة للمدة 3، نحو:
ما در شارق، تقلب الماضي في الأغلب إلى معنى الاستقبال، كما يجيئ في قسم الأفعال، فلهذا تقول: اجلس ما دام زيد جالسا، وقد تجيئ بمعنى الماضي، كقوله تعالى: (ما دمت حيا 4)، وأما (ليس)، فهي للنفي مطلقا، كما هو مذهب سيبويه، على ما نبين في الأفعال