تعالى: (مكانا سوى) 1، أي مستويا، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه مع قطع النظر عن معنى الوصف، أي معنى الاستواء الذي كان في (سوى) فصار (سوى) بمعنى: (مكانا) فقط، ثم استعمل (سوى) استعمال لفظ مكان، لما قام مقامه في إفادة معنى البدل، تقول أنت لي مكان عمرو، أي بدله، لأن البدل ساد مسد المبدل منه وكائن مكانه، ثم استعمل بمعنى البدل في الاستثناء، لأنك إذا قلت جاءني القوم بدل زيد، أفاد أن زيدا لم يأت، فجرد عن معنى البدلية أيضا، لمطلق معنى الاستثناء، فسوى، في الأصل: مكان مستو، ثم صار بمعنى مكان، ثم بمعنى بدل، ثم بمعنى الاستثناء، ولا يجوز في (سوى) القطع عن المضاف إليه كما يجوز في (غير) على ما يجيئ، والتزم بعضهم وجوب اضافته إلى المعارف، فلا يجيز:
جاءني القوم سوى رجل منهم طويل، وهو الظاهر من كلامهم، وعند البصريين، هو لازم النصب على الظرفية لأنه، في الأصل، صفة ظرف، والأولى في صفات الظروف إذا حذفت موصوفاتها:
النصب، فنصبه على كونه ظرفا في الأصل، وإلا فليس الآن فيه معنى الظرفية، والدليل على ظرفيته في الأصل: وقوعة صلة، بخلاف (غير)، نحو: جاءني الذي سوى زيد، وعند الكوفيين يجوز خروجها عن الظرفية، والتصرف فيها رفعا ونصبا وجرا، كغير، وذلك لخروجها عن معنى الظرفية إلى معنى الاستثناء، قال:
232 - ولم يبق سوى العدوان * دناهم كما دانوا 2