به، والأصل هو الأول، والثاني مجاز، فإن الوجه الذي تبين فيه أثر الغضب كأنه غير الوجه الذي لا يكون فيه ذلك بالذات، وماهية المستثنى، كما ذكرنا في حده: هو المغاير لما قبل أداة الاستثناء نيا وإثباتا، فلما اجتمع ما بعد (غير) وما بعد أداة الاستثناء في معنى المغايرة لما قبلها، حملت أم أدوات الاستثناء أي (إلا) في بعض المواضع على (غير) في الصفة، وحملت (غير) على (الا) في الاستثناء في بعض المواضع ، ومعنى الحمل:
أنه صار ما بعد (الا) مغايرا لما قبلها ذاتا أو صفة كما بعد (غير) ولا تعتبر مغايرته له نفيا وإثباتا، كما كان في أصلها، وصار ما بعد (غير) مغايرا لما قبلها نفيا وإثباتا، كما بعد (الا)، ولا تعتبر مغايرته له ذاتا، أو صفة، كما كانت في الأصل، إلا أن حمل (غير) على (إلا) أكثر من العكس، لأن (غيرا) اسم، والتصرف في الأسماء أكثر منه في الحروف، فوقع (غير) في جميع مواقع (إلا) 1، في المفرغ وغيره، والمنقطع وغيره، مؤخرا عن المستثنى ومقدما عليه، وبالجملة، في جميع محالة، إلا أنه لا يدخل على الجملة كإلا، لتعذر الإضافة إليها، ولم يحمل (الا) على (غير) إلا بالشرائط التي نذكرها، فإذا دخل 2 (إلا) على غير، وإلا، في الأصل حرف، لا يتحمل الاعراب، روعي أصلها، فجعل اعرابها الذي كانت تستحقه لولا المانع المذكور على ما بعدها عارية، وإذا دخل (غير) على (إلا)، وأصل (غير) من حيث كونه اسما جواز تحمل الاعراب، وما بعده، الذي صار مستثنى بتطفل (غير) على (إلا) مشغول بالجر لكونه مضافا إليه في الأصل، جعل اعرابه الذي كان يستحقه لولا المانع المذكور، أي اشتغاله بالجر، على نفس (غير) عارية، فعلى هذا التقدير، لا حاجة إلى أن يعتذر، لانتصاب (غير) في الاستثناء بما قال بعضهم، لما رأي انتصابه من دون واسطة، كما كان في المستثنى بالا، وهو 3 أنه إنما انتصب بلا واسطة حرف لمشابهته الظروف المبهمة بإبهامه،