وكيف كان فبعد ثبوت كون السبب أحد تلك الأمور الخمسة لا محيص عن القول باستحقاق العقاب على الفعل المتجري به.
والقوي في النظر ذلك فمن هنا يتقوى القول بسببية التجري للعقاب مطلقا ولو من جهة اتحاده مع بعض العناوين الملازمة له في جميع موارده التي منها صورة خطأ القطع وعدم مصادفة للواقع.
وقد يظهر مما ذكرنا أيضا فساد ما قد يقال من أن الذمة على التجري إنما هو لكشف التجري غير سوء سريرته لا على الفعل المتجري به.
وتوضيح الفساد أن عنوان هتك حرمة المولى إنما هو عنوان متحد مع الفعل المتجري به لا محالة، ومن المعلوم أنه قبيح يذم عليه عند العقلاء فيذم على الفعل المتجري به ولو لأجل ترتبه على المتجري وحده.
فإذا عرفت تلك المقالة بما فيها فتقدر على تمييز ينقسم ما ذكر في المسألة من الأدلة والأجوبة من صحتها ولعلك تستغني بها غني معرفة الحال فيها ومع ذلك كله ينبغي التعرض تفصيلا لبعض ما وقع من المصنف وغيره في المسألة.
قوله: ويمكن الخدشة في الكل ().
أما الإجماع فالمحصل منه غير حاصل، وقد عرفت أن الذي ينفع منه إنما هو المشتمل منه على المعصوم عليه السلام وهو غير معلوم إن لم يكن معلوم العدم، والحدس من على تقدير حصوله غير مجد في المسألة، لكونها إما عقلية محضة أو لكونها مما يدخله العقل - بناء على جعل النزاع فيها في حرمة التجري شرعا - وإليه أشار المصنف بقوله والمسألة عقلية، يعني أنه بعد الإغماض عن منع الإجماع المحصل وتسليم حصوله يتجه على الاحتجاج به أن المسألة عقلية لا مساس لها للإجماع الذي هو اتفاق أهل الشريعة، وإنما المجدي اتفاق جميع