متنافيين لهما أيضا مع تعدد الجهة فتأمل.
ثم إن الأولى وإن لم يكن متعينا أن يجعل النزاع في استحقاق العقاب على التجري وكونه سببا له من غير النظر إلى كونه منهيا عنه وعدم كونه كذلك لإمكان القول به على تقدير كونه منهيا عنه وعدم كونه كذلك أيضا، فإن استحقاق العقاب من المولى لا يدور مدار نهيه لتحققه بدونه فيما إذا علم العبد بكون شيء مبغوضا لسيده أو محبوبا ضمنيا له ففعله أو تركه حينئذ مع عدم إظهار من المولى بعد أصلا ()، إذ لا ريب أن العبد لو اعتذر حينئذ بعد إظهار السيد له ما في ضميره بعد الاعتراف بعلمه بما فيه لم يسمع منه العقلاء ويذمونه ويجوزون عقابه، وبعد جعل النزاع في ذلك فليس إتيانه ممتنعا أو صعبا () كإثبات النهي عنه، لأنه يدور مدار استقلال العقل بقبحه في نفسه أو بالنظر إلى كونه ملازما لبعض العناوين القبيحة.
ودعوى ذلك أمر غير منكر لسهولته وقربه من الاعتبار إن لم يكن واضحا كوضوح الملازمة بين القبح واستحقاق العقاب.
تتميم مقال: إذا كان المقصود إثبات سببية التجري مطلقا أو المحض منه لاستحقاق العقاب - بعد فرض انحصار طريقه في العقل - فكيفية استفادة ذلك منه أن يرجع إليه فإن استقل بقبح مطلق التجري أو المحض منه وصحة العقاب عليه () - من غير حاجة إلى اتحاد التجري مع بعض العناوين الأخر، بأن يحكم بأنه من حيث هو قبيح يستحق العقاب والذم عليه - فهو، وإلا فيمكن استفادته منه بوجه آخر وهو أن يلاحظ المعصية الحقيقية بالعناوين الموجودة فيها،