وكيف كان فحاصل مراده أن سبب استحقاق العقاب إنما هو ارتكاب الحرام الواقعي اختيارا - بأن يقدم عليه عالما به عازما عليه - وهو متحقق في حق من صادف قطعه الواقع دون من لم يصادف قطعه له، لعدم ارتكابه له اختيارا، وكما أنه لم يصدر منه شرب الخمر الاختياري كذلك لم يصدر منه شرب الماء كذلك، فإن المائع الذي اعتقد كونه خمرا وإن كان ماء في الواقع لكن لم يشربه عالما به عازما عليه بعنوان كونه ماء، فالذي قصد لم يقع والذي وقع لم يقصد، فلم يكن له فعل اختياري أصلا.
وكيف كان فلم يصدر عنه شرب الخمر الاختياري، فلا يستحق العقاب لذلك.
وبالجملة استحقاق من صادف قطعه للواقع للعقاب ليس من جهة المقدمات الاختيارية حتى يقال إنها بعينها صادرة ممن لم يصادف قطعه للواقع، بل لأجل صدور الحرام الواقعي منه اختيارا، وهو منتف في حق من لم يصادف قطعه للواقع، وعدم العقاب لأجل الأمر الغير الاختياري غير قبيح، بل يقبح العقاب لأجله.
نعم الفعل الاختياري المتحقق منه إنما هو عزمه على شرب الخمر ولا يمتنع من استحقاقه العقاب عليه كما ذهب إليه جمع من المتكلمين ().
قال في التجريد نية المعصية معصية يعني العزم عليها. ومثله المنقول عن الصدوق (قدس سره) في اعتقاداته.
هذا توضيح مراد المصنف كما أفاده حين قرأنا عليه هذا الموضع.