والنهي عن الثانية على تقديرهما مستلزمان للتسلسل أو الترجيح بلا مرجح، والتجري وإن لم يكن حاله كحالهما من حيث وضوح عدم الصلاحية للخطاب إلا أن الإنصاف [أن] كونه مما يصلح له أيضا غير معلوم، بل مظنون عدمه نظرا إلى أن فائدة الخطاب إنما هو تحريك المكلف نحو الفعل أو الترك، والمفروض ان المتجري قاطع بحرمة ما يتجري به وقطعه ذلك كاف في تحريكه نحو الترك إن كان ممن يطيع إذا خوطب، والفوائد الاخر التي أشرنا إليها في طريقية القطع قد عرفت عدم صلاحية بعضها له والبعض الآخر منها كالتأكيد أيضا بعد محل تأمل.
هذا مضافا إلى أن التجري - ولو كان المحض منه - من مقولة العصيان والنهي عنه كالنهي عن العصيان مستلزم للمحال وهو التسلسل أو الترجيح من غير مرجح فيكون النهي عنه محالا لذلك بعد الإغماض عن استحالته لما مر، لأنه إذا فرض ان المكلف إذا قطع بحرمة شيء فارتكابه لذلك الشيء تجر جدا فإذا فرض النهي عن هذا التجري فيكون مخالفة ذلك النهي أيضا تجريا بالضرورة فحينئذ إما ان ينهى عن ذلك التجري أيضا أو لا.
وعلى الثاني يلزم الترجيح من غير مرجح لمساواته للأول، وعلى الأول فيكون مخالفة النهي الثالث أيضا تجريا فننقل الكلام إليه بعينه وهكذا إلى أن بلغ ما بلغ، فإن اقتصر في النهي على مرتبة خاصة يلزم الترجيح بلا مرجح والا يلزم التسلسل.
هذا إذا كان النهي على تقديره متعلقا بالتجري على وجه الإطلاق لا بخصوص المحض منه كما هو المفروض عند المصنف ومن سبقه إلى تحرير المسألة.
[و] أما إذا كان متعلقا بخصوص المحض منه فحينئذ وإن أمكن أن يقال إنه إذا تعلق النهي به فمخالفة ذلك النهي يكون عصيانا حقيقا فينتفي المساواة