ولا يجري هذه المناقشة في العبارة الثانية بالنظر إلى الثانية من الصورتين مطلقا، وإلى أولاهما () بناء على إرادة النوع الخاص من التكليف، إذ الثانية لم يعلم فيها الإلزام مطلقا - لا نوعه ولا جنسه - فلا تكون من موارد الشك في المكلف به مطلقا، فلا يشملها حد مجرى التخيير المذكور في تلك العبارة، لاعتبار رجوع الشك فيها إلى المكلف به، ويشملها حد مجرى أصالة البراءة المذكور فيها كذلك، لأنها على التقديرين من موارد الشك في التكليف المذكور فيها حدا لمجراها.
وأما أولى الصورتين فلأنها إن تكن من صور الشك في التكليف - بناء على إرادة جنس الإلزام من التكليف المذكور في تلك العبارة - يتجه () المناقشة المذكورة والنقض بها على ذلك التقدير، وأما بناء على تقدير إرادة النوع الخاص منه فلا، كما لا يخفى.
وأما المناقشة المشتركة بين العبارتين: فهو أن المصنف قد حدد مجرى أصالة البراءة في أولاهما بكون الشك في التكليف مع إمكان الاحتياط، فيتجه عليه أن مراده بالتكليف المذكور فيهما إما النوع الخاص من الإلزام، أو جنسه، وعلى التقديرين لا يستقيم شيء من الحدين المذكورين لمجرى أصالة البراءة في العبارتين:
أما على الأول: فلانتقاض طرد كل منهما بصورة دوران الأمر بين وجوب أحد الشيئين بالخصوص وبين حرمة الآخر كذلك، بأن يقطع بصدور إلزام من الشارع، ويشك في أنه هل هو وجوب الصلاة - مثلا - أو حرمة الخمر؟ لأن القدر المعلوم في تلك الصورة إنما هو جنس الإلزام، فيكون الشك فيها على التقدير