عليها لا يخرج ذلك المورد بذلك عن كونه مجرى لها في الاصطلاح قطعا، فتعين الثالث.
الثاني: أن الغرض الأصلي للمصنف [قدس سره] من وضع رسالة البراءة والاستصحاب - المشتمل عليهما كتابه هذا - إنما هو بيان الأصول والقواعد العامة الأولية الشرعية أو العقلية المقررة للشك المنحصرة في الأربعة المشار إليها، فلما لم ينسب المجاري الأربعة المذكورة إلا إليها، مع أن غيرها من الأصول، العملية الخاصة ببعض موارد الشك لا يخرج مجراها عن أحدها - كقاعدة الشك في عدد الركعات، وهي البناء على الأكثر، فإن موردها متحد مع الاستصحاب في خصوص عدد الركعات - فتعرضه لبعض تلك القواعد الخاصة في مطاوي الرسالتين إنما هو من باب التطفل، كتعرضه لقاعدة التخيير بين () الخبرين المتعارضين، فإن مراده بالتخيير الأولي العام المحكوم عليه بالعقل، لا ما يعم ذلك التخيير الخاص لخصوص الخبرين المتعارضين، وقد صرح رحمه الله في موضع من رسالة البراءة: أن التخيير حكم عقلي، ومن المعلوم أن التخيير بين الخبرين حكم شرعي خاص، بمورد كذلك، وتحديده لمجرى التخيير بما لم يمكن فيه الاحتياط شاهد على ذلك أيضا، لجريان التخيير بين الخبرين فيما أمكن فيه الاحتياط أيضا، فتعرضه للتخيير بين الخبرين في موارد كون الشك ناشئا من تعارض النصوص إنما هو لأجل استيفاء الحكم العقلي لتلك الموارد، بمعنى الحكم الآخر () الذي لا يكون بعد حكم ظاهري معارض له أو حاكم عليه.
قوله - قدس سره -: (وما ذكرناه هو المختار في مجاري الأصول... إلخ) ().