أصالة البراءة والاحتياط، ومقتضاه اختصاص أصالة البراءة بما أمكن فيه الاحتياط، مع أنها قد تجري فيما لم يمكن فيه الاحتياط - أيضا - كما إذا دار الأمر في مورد بين الوجوب والتحريم ()، والإباحة - مثلا - في شيء واحد، فإنه من مواردها على مختاره - قدس سره - أيضا، مع خروجه عما ذكره تعريفا لمجراها، بل تجري فيما إذا دار الأمر بين الوجوب والتحريم في شيء واحد مع القطع بعدم الثالث - أيضا - مع عدم إمكان الاحتياط فيه بالضرورة، فتأمل.
والحاصل: أنه - قدس سره - في مقام ضبط مجاري الأصول، فلا بد من أن يكون () تعريف منها لجميع المصاديق ()، فلا يكفي الصدق في الجملة، هذا بخلاف العبارة الثانية، لعدم أخذ إمكان الاحتياط في مجرى البراءة فيها.
ويمكن التفصي عن الإشكال المذكور: بالنظر إلى صورة الشك في الوجوب والتحريم مع احتمال الإباحة، بتكلف أنها - أيضا - من موارد إمكان الاحتياط، بأن المراد من إمكان الاحتياط إمكانه في الجملة ولو بالإضافة، فإن الذي لا يمكن فيها إنما هو الاحتياط التام ومن جميع الجهات، وأما في الجملة فممكن، فإن فعل ذلك المشكوك المحتمل للوجوب والحرمة والإباحة، لاحتمال وجوبه، أو تركه لا لذلك، بل لاحتمال الإباحة، فيكون أحوط، فيمكن فيه هذا المقدار من الاحتياط.
وبالجملة: المكلف في الصورة المذكورة وإن لم يكن [ملزما] بشيء () من الفعل أو الترك إلا أن إقدامه على أحدهما لاحتمال الوجوب أو الحرمة أحوط