معلول واحد، وهو الطلب. هذا.
والجواب عن ذلك: أن المحذور المذكور - وهو لزوم اجتماع المثلين أو الأمثال في شيء واحد - لا يوجب المصير إلى خلاف ظاهر الأدلة المذكورة مطلقا، بل إنما يوجبه على تقدير كون الطلبات المسببة عن تلك الأسباب - على تقديرها - متوجهة إلى الحقيقة الواحد من حيث هي وفي حد نفسها، لما قد عرفت أنه إنما يلزم على هذا التقدير، فمع اعتبار التكثر في تلك الحقيقة - بأن يكون متعلق كل طلب وجود منها مغاير لمتعلق الطلب الآخر، بأن يكون موضوع كل طلب شخصا من أشخاصها ووجودا من وجوداتها الخارجية - لا مانع من تعدد الطلب أصلا، كما اعترف به المورد أيضا.
نعم لما كانت المادة المعروضة للطلب ظاهرة في إرادة الطبيعة من حيث هي، فظهورها ينافي تعدد الطلب، لما مر من استلزام إرادتها كذلك مع تعدد الطلب لاجتماع الأمثال في شيء واحد، فيقع التعارض بين ظهور المادة وبين ظهور أدوات الشرط في الأدلة في سببية كل من تلك الأسباب لطلب مستقل، ويتوقف رفعه على أحد أمرين على سبيل منع الخلو:
أحدهما: التصرف في ظهور الأدوات في تلك الأدلة.
وثانيهما: التصرف في المادة المذكورة المعروضة للطلب المجعول جزاء في كل من تلك القضايا بتقييدها في كل منها ببعض من وجوداتها غير ما قيدت به في الأخرى، فيقال في قولنا: - إن جاءك زيد فأكرمه، وإن أضافك فأكرمه، وإن أعانك فأكرمه -: إن المطلوب في القضية الأولى إنما هو إكرام زيد عند مجيئه الذي هو غير إكرامه عند إضافته أو إعانته، وفي الثانية إنما هو إكرامه الذي هو غير إكرامه عند مجيئه أو إعانته، وفي الثالثة إنما هو إكرامه الذي [هو] غير إكرامه عند مجيئه أو إضافته.
لكن الذي يقتضيه الإنصاف أن التصرف الثاني أهون من الأول،