ثم إن شيخنا الأستاذ - قدس سره - قد تصدى لتصحيح أصالة عدم التداخل على تقدير كون الأسباب الشرعية معرفات: بأن الأدلة حينئذ قاضية بسببية كل منها للعلم بالطلب على نحو الاستقلال، ولازم تعدد سبب العلم تعدد العلم على وجه يكون هناك علوم متعددة يمتاز كل منها عن الآخر، حيث إنه معلول بالفرض، وتعدد العلة مستلزم لتعدد المعلول كذلك، وتعدد العلم مستلزم لتعدد المعلوم، وهو الطلب، وقد مر أن تعدده مستلزم لتعدد الامتثال، فيكون الأصل على هذا التقدير - أيضا - عدم التداخل، وهو المطلوب.
لكنه مشكل من وجهين:
أحدهما: أن استلزام تعدد العلة لتعدد المعلول ليس على كليته، بل إنما هو فيما إذا كان المعلول من غير الكيفيات القابلة للشدة والضعف، وأما إذا كان منها فلا، ألا ترى أن تعدد أسباب الألوان أو الأمراض لا يوجب تعدد اللون والمرض.
نعم يوجب تأكدهما بمعنى أن الحاصل منهما بواسطة الأسباب المتعددة آكد وأشد مما يحصل من واحد من تلك الأسباب (1).
ومن المعلوم أن الفرد الشديد ليس فردين وموجودين يمتاز كل منهما عن الآخر، فإن الضعيف الممتاز عنه إنما هو الذي لم يكن في ضمنه.