الفعل معصية.
هذا خلاصة الكلام في الموضع الأول.
وأما الثاني: فخلاصة المقال فيه: أن الأمر والنهي إما أن يكونا نفسيين، أو غيريين، أو مختلفين، بأن يكون أحدهما نفسيا والآخر غيريا، وعلى أي تقدير، فإما أن يكون كلاهما منجزين على الإطلاق، أو أحدهما معلق على عصيان الآخر.
فنقول: إنه إذا كان كلاهما نفسيين منجزين على وجه الإطلاق، فيلزم التكليف المحال، لاستحالة إرادة النقيضين على الإطلاق، وامتناع الحب والبغض بالنسبة إلى شيء واحد في مرتبة واحدة وامتناع كونه حسنا وقبيحا كذلك، لما مر من استلزام الأمر لإرادة متعلقة والحب له وكونه حسنا إذا كان نفسيا لا محالة إن لم نقل باستلزام الغيري لتلك الأمور، ومن استلزام النهي لأضداد إذا كان نفسيا لا محالة، إن لم نقل باستلزام الغيري لها، فاجتماع الأمر والنهي النفسيين المنجزين على الإطلاق مستلزم لاجتماع تلك الأمور المضادة، فيمتنع، فيكون تكليفا محالا، بل قد يدعى استلزامه لاجتماع الضدين بالنسبة إلى المصلحة والمفسدة اللازمتين لهما - أيضا - كما مرت الإشارة إليه في تقرير المنع.
والظاهر أنه كذلك فيما [إذا] اتحدت جهتا المصلحة والمفسدة، وأما مع تعددها - بأن يرجع كل من المفسدة والمصلحة إلى إحداهما، بأن تكون هي موردها وموضوعها حقيقة - فلا، وما نحن فيه من القسم الأول، لفرض تعلق الأمر والنهي بشيء، فتكون المفسدة والمصلحة اللازمتان لهما كذلك.
هذا، وأيضا يلزم من اجتماعهما التكليف بالمحال، لعدم قدرة المكلف على الجمع بين امتثالهما، لامتناع الجمع بين الفعل والترك في آن واحد.
وأما إذا كانا نفسيين: أحدهما منجزا على الإطلاق والآخر معلقا على عصيان ذلك المنجز على الإطلاق فيلزم اجتماع المصلحة والمفسدة في شيء