وأما إذا كانا مختلفين فيتصور منها أربع صور:
إحداها: أن يكون الأمر نفسيا والنهي غيريا مع كون المنجز على الإطلاق منهما هو الأمر، ويكون النهي معلقا على عصيانه.
وثانيتها: الصورة بحالها إلا أن المنجز على الإطلاق إنما هو النهي.
وثالثتها: أن يكون النهي نفسيا والأمر غيريا مع كون المنجز على الإطلاق هو النهي.
ورابعتها: الصورة الثالثة بحالها إلا أن المنجز على الإطلاق هو الأمر.
لا شبهة في عدم المانع من اجتماعهما من جهة محذور لزوم اجتماع الضدين بالنظر إلى المصلحة والمفسدة والحب والبغض والحسن والقبح في جميع تلك الصور مطلقا، ولا من جهة محذور لزوم التكليف بالمحال أيضا في جميعها إذا كان أحدها مرتبا على الآخر:
أما الأول: فلأن الطلب الغيري لا يلازم وجود مصلحة في متعلقه، ولا الحب له نفسه، ولا كونه حسنا كذلك إذا كان أمرا، ولا أضداد تلك الأمور إذا كان نهيا فلا يلزم المحذور الأول، لفرض كون أحد الطلبين في جميع الصور غيريا.
وأما الثاني: فلأنه وإن كان يلزم على تقدير كون كلا الطلبين منجزين على الإطلاق كما لا يخفى، إلا أنه مرتفع على تقدير تعلق أحدهما على عصيان الآخر وترتبه عليه، والطلب الغيري أيضا وإن كان ملازما لإرادة متعلقه إذا كان أمرا ولكراهته إذا كان نهيا، لكن الإرادة في كل طلب لما كانت تابعة لذلك الطلب فإذا فرض كون ذلك الطلب تعليقيا فتكون هي أيضا كذلك، فإذا جاز الجمع بين نفس الطلبين على التعليق جاز الجمع بين تابعيهما من الإرادة والكراهة على هذا الوجه - أيضا - لاختلاف مرتبتهما، فلا يكون الجمع بينهما كذلك اجتماعا