تقريرات آية الله المجدد الشيرازي - المولى علي الروزدري - ج ٣ - الصفحة ١١٠
الله، ومقتضى مفهوم العلة ثبوت الفساد مع تحقق العصيان، فيستفاد منه قاعدة كلية، وهي أن كل ما حرم ونهي عنه شرعا على وجه يكون مخالفته عصيانا لله تعالى يكون ملازما للفساد، وبعد ثبوت تلك الملازمة بهاتين الروايتين فيكون النواهي الشرعية مقتضية للفساد.
هذا، وقد نوقش في الاحتجاج بهما بوجهين متقاربين:
أحدهما: ما ذكره المحقق القمي رحمه الله (1) من أن المراد بالمعصية فيهما إنما هو مجرد عدم الرخصة من الشارع، [وإلا] فمخالفة السيد أيضا معصية.
وتوضيح كلامه: أنه لا يمكن حمل المعصية في قوله عليه السلام: «لم يعص الله، أو ليس عاصيا لله» على حقيقتها، إذ معه لا يمكن نفيها بالنسبة إلى الله تعالى وإثباتها بالنسبة إلى السيد، فإن مخالفة السيد أيضا مخالفة لله وعصيان له لوجوب متابعته على العبد شرعا، فمع فرض ثبوت عصيان السيد يلزم ثبوت عصيان الله تعالى أيضا، إذ معه لا يمكن نفيه بالنسبة إليه تعالى، فلا بد أن يكون المراد بالمعصية غير معناها الحقيقي من المعاني المجازية، وأقربها هو عدم الإذن والرخصة في الجملة ولو بعد إذن السيد وإمضائه، فيكون معنى الروايتين أنه لم يأت بشيء لم يأذن الله له فيه ولم يرض به، بل أتى بما أذن له فيه ورضي به ولو بضميمة إجازة السيد، فيكون مفهوم العلة على هذا هو فساد ما لم يأذن الله فيه، ومن المعلوم أن فساد ما لم يأذن الله فيه إنما هو لعدم إمضائه، لا للنهي والعصيان.
والحاصل: أن المراد بالمعصية إنما هو الإتيان بما لم يرض الشارع بصحته ومضيه ولو بضميمة الإجازة، لا الإتيان بما نهى الشارع عنه، وإلا فهو ثابت حينئذ بمخالفة السيد أيضا - كما عرفت - فلا يصح نفيه، فيكون مفهوم العلة

(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اجتماع الأمر والنهي 5
2 مسألة دلالة النهي على الفساد 69
3 في المفاهيم 135
4 في تداخل الأسباب 197
5 [في القطع] 221
6 في المراد من المكلف في عبارة الشيخ (ره) 221
7 في وجه حصر مجرى الأصول 227
8 في بيان المراد من الحجة في باب الأدلة الشرعية 235
9 في القطع الموضوعي والطريقي 247
10 في تصوير وجوه مخالفة القطع 271
11 في حكم التجري 273
12 في وجه قبح التجري 281
13 محاكمة الأخباري في عدم اعتماده على بعض أقسام القطع 301
14 في قطع القطاع 307
15 في أن المعلوم إجمالا كالمعلوم تفصيلا 312
16 في كفاية الموافقة الإجمالية وعدمها 313
17 في كفاية الموافقة الإجمالية في العبادات وعدمها 322
18 في لزوم مراعاة مراتب الامتثال 346
19 في إمكان التعبد بالظن وعدمه 351
20 في وجوه استحالة التعبد بالظن وأجوبتها 353
21 في تصوير مصلحة السلوك وغيره في حل الإشكال 359
22 في تصوير الإشكال من ناحية المكلف والمكلف والجواب عنه 363
23 في تصوير الانحلال في التعبد بالظن على مسلك السلوك 366
24 في أن الأمر بالسلوك مولوي أو إرشادي 367
25 في آثار الالتزام بمسلك السلوك 369
26 في وقوع التعبد بالظن 377