فلما قبضتها نبذتها وخرت كما يخور الثور تحت يد جازره، فقال لي: ثكلتك أمك! هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا فكيف بك وبي غدا أن سلكنا في سلاسل جهنم؟ ثم قرأ: ﴿إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون﴾ (1) ثم قال: ليس لك عندي فوق حقك الذي فرضه الله لك إلا ما ترى، فانصرف إلى أهلك.
فجعل معاوية يتعجب ويقول: هيهات هيهات! عقمت النساء أن يلدن مثله (2).
3918 - تاريخ دمشق عن جابر: كنا ذات يوم عند معاوية بن أبي سفيان، وقد جلس على سريره واعتجر بتاجه واشتمل بساجه (3)، وأومأ بعينيه يمينا وشمالا، وقد تفرشت جماهير قريش وسادات العرب أسفل السرير من قحطان، ومعه رجلان على سريره: عقيل بن أبي طالب، والحسن بن علي، وامرأة من وراء الحجاب تشير بكميها يمينا وشمالا، فقالت: يا أمير المؤمنين فاتت الليلة أرقة، قال لها معاوية: أمن ألم؟ قالت: لا، ولكن من اختلاف رأي الناس فيك، وفي علي بن أبي طالب، و (4) أبوك أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية، وكان أمية من قريش لبابها، فقالت في معاوية فأكثرت وهو مقبل على عقيل والحسن، فقال معاوية: رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعد الظهر، حرم على النار أن تأكله أبدا.
ثم قال لها: أفي علي تقولين؟ المطعم في الكربات، المفرج للكربات، مع ما