صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد وآل محمد، ثم قال:
الحمد لله الذي أحيا الحق وأمات الباطل، وجاء بالعدل ودحض الجور وكبت (1) الظالمين.
أيها الناس! إنما وليكم الله ورسوله وأمير المؤمنين حقا حقا، وخير من نعلمه بعد نبينا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأولى الناس بالناس، وأحقهم بالأمر، وأقربهم إلى الصدق، وأرشدهم إلى العدل، وأهداهم سبيلا، وأدناهم إلى الله وسيلة، وأقربهم برسول الله (صلى الله عليه وآله) رحما، أنيبوا إلى طاعة أول الناس سلما، وأكثرهم علما، وأصدقهم طريقة، وأسبقهم إيمانا، وأحسنهم يقينا، وأكثرهم معروفا، وأقدمهم جهادا، وأعزهم مقاما، أخي رسول الله وابن عمه، وأبي الحسن والحسين، وزوج الزهراء البتول سيدة نساء العالمين، فقوموا أيها الناس! فبايعوا على كتاب الله وسنة نبيه، فإن لله في ذلك رضى، ولكم مقنع وصلاح، والسلام.
فقام الناس بأجمعهم، فبايعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بأحسن بيعة وأجمعها.
فلما استتمت البيعة، قام إليه فتى - من أبناء العجم وولاة الأنصار، لمحمد بن عمارة بن التيهان أخي أبي الهيثم بن التيهان - يقال له: مسلم، متقلدا سيفا، فناداه من أقصى الناس: أيها الأمير! إنا سمعناك تقول في أول كلامك: إنما وليكم الله ورسوله وأمير المؤمنين حقا حقا؛ تعريضا ممن كان قبله من الخلفاء أنهم لم يكونوا أمراء المؤمنين حقا، فعرفنا أيها الأمير، رحمك الله! ولا تكتمنا؛ فإنك ممن شهد وغبنا، ونحن مقلدون ذلك في أعناقكم، والله شاهد عليكم فيما تأتون به من النصيحة لأمتكم، وصدق الخبر عن نبيكم (صلى الله عليه وآله).
قال حذيفة: أيها الرجل، أما إذا سألت وفحصت هكذا، فاسمع وافهم ما