هو السؤال.
إن دراسة حياة علي (عليه السلام) المترعة نورا وحركة ومضاء، تكشف عن أن هذا العظيم لم يتحدث على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن نفسه قط، مع ما كانت تزهر به أيامه من مآثر عظمى وإنجازات باهرة.
لكن بعد أن مضى النبي الأقدس إلى الرفيق الأعلى بادر الإمام في الأيام الأولى التي شهدت تغير الحكم وتنكب الحياة السياسية عن أصولها؛ بادر للحديث عن سابقته الوضيئة في هذا الدين، وراح يصدع بحقه في كل مكان؛ رغبة منه بإحقاق الحق، وإجهارا للحقيقة، ودفاعا عن موقع " الإمامة ".
لكن للأسف لم تغن جهود الإمام شيئا، فاختطت الخلافة مسارا آخر! غير استثناءات قليلة ومواضع نادرة، فلاذ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بصمت رهيب استغرق من عمره سنوات مديدة، وطوى عن حقه كشحا، وكلماته المتوجعة تقول: " فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا (1) ".
ولما تسلل " حزب الطلقاء " إلى واقع الحياة الإسلامية، وترسخت أقدامه على عهد الخليفة الثالث، اتسع حجم الأكاذيب والافتراءات، وطفقت تنهال من كل جانب لا سيما في الشام؛ لتصنع أجواء مكفهرة نتنة، تقلب الحقائق، وتحاصر أهل الحق وأنصاره خاصة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
وقف الإمام يواجه كل هذه الأكاذيب والافتراءات، والسيول المتدفقة من التزييف والاتهام وقلب الحقائق وكتمانها، يتصدره بلاط معاوية المغموس بالخداع والحيلة، وبإصرار جاهلي عنيد على إفساد الأذهان، وتلويث العقول