عن مسرح الحياة، فالتقصير على المجتمع؛ إذ أباح ظلمهم، وضيع حقه في الاستهداء بهم والاستنارة بجدارتهم.
فالنضال ضد هذه الأجواء الكاذبة، وإعادة الحق إلى نصابه يمثلان دفاعا عن حق الناس. ومن كان يمتري في أن عليا (عليه السلام) كان الأجدر الأكفأ؟ ألم يقل عمر بن الخطاب: " إنه لأحراهم أن يقيمهم على طريقة من الحق " (1)؟ فماذا يفعل الناس في خضم حضورهم؟! وإذا عرف الإمام (عليه السلام) نفسه وتحدث عن جدارته ولياقته فإنما يدافع عن حق الناس الثابت، أي حق معرفة الأجدر، وتحكيم الأصلح.
هذه وغيرها تمثل سر حديث علي عن علي، وبعبارة أخرى، إن على بن أبي طالب يتحدث عن الإمام علي، وعن أجدر إنسان لتسلم زمام الأمور.
5 - الدفاع عن الذات إزاء الهجوم الدعائي العنيف بيد أن ما يفوق في أهميته جميع الأدلة التي ذكرناها كبواعث أملت على الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يبادر إلى تبيين فضائله والحديث عن خصائصه بنفسه، هي طبيعة الأجواء التي أعلن فيها ذلك على الملأ العام.
حياة علي (عليه السلام) مدهشة حقا؛ أيامها ملأى بالدروس، وتاريخها حافل بالعظات. شخصية تتألق بوهج مضيء مرتفع، رجل في مثل هذه الصلابة والرسوخ العظيم، مؤمن يسمو به إيمانه، فلا توازيه نجوم السماء علوا وجلالا.
شخصية كهذه تتبوأ منصة كل هذه المكرمات، ثم تطلع عليها أجواء محمومة بالدعاية الباطلة، كيف ستبدو في عيون جيل راح ينظر إليها وهي تمسك أزمة الحكم بعد ربع قرن من الغياب؟ وكيف ستكتسب موقعها في ذهنه ووعيه؟ هذا