فأعطوكم المقادة، وسلموا إليكم الأمر، وأنا أحتج عليكم بالذي احتججتم به على الأنصار، نحن أولى بمحمد (صلى الله عليه وآله) حيا وميتا؛ لأنا أهل بيته، وأقرب الخلق إليه، فإن كنتم تخافون الله فأنصفونا، واعرفوا لنا في هذا الأمر ما عرفته لكم الأنصار.
فقال له عمر: إنك أيها الرجل لست بمتروك أو تبايع كما بايع غيرك. فقال علي (رضي الله عنه): إذا لا أقبل منك ولا أبايع من أنا أحق بالبيعة منه. فقال له أبو عبيدة بن الجراح: والله يا أبا الحسن، إنك لحقيق لهذا الأمر لفضلك وسابقتك وقرابتك، غير أن الناس قد بايعوا ورضوا بهذا الشيخ، فارض بما رضي به المسلمون.
فقال له علي كرم الله وجهه: يا أبا عبيدة، أنت أمين هذه الأمة!! فاتق الله في نفسك؛ فإن هذا اليوم له ما بعده من الأيام، وليس ينبغي لكم أن تخرجوا سلطان محمد (صلى الله عليه وآله) من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم؛ ففي بيوتنا نزل القرآن، ونحن معدن العلم والفقه والدين والسنة والفرائض، ونحن أعلم بأمور الخلق منكم؛ فلا تتبعوا الهوى فيكون نصيبكم الأخس.
فتكلم بشير بن سعد الأنصاري فقال: يا أبا الحسن، أما والله لو أن هذا الكلام سمعه الناس منك قبل البيعة لما اختلف عليك رجلان، ولبايعك الناس كلهم، غير أنك جلست في منزلك ولم تشهد هذا الأمر، فظن الناس أن لا حاجة لك فيه، والآن فقد سبقت البيعة لهذا الشيخ، وأنت على رأس أمرك.
فقال له علي: ويحك يا بشير! أفكان يجب أن أترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيته فلم أجبه إلى حفرته، وأخرج أنازع الناس بالخلافة؟! (1)