وعرض عليه معاوية في هذا المجال أن يقتل عليا وطلحة والزبير.
فإذا وجدت كل هذه القلوب الفاسدة والنفوس المريضة والتوجهات الجائرة المثيرة للسخط، فما الداعي بعدئذ للتساؤل عن أسباب تبلور تلك الثورة؟
إن الشخص الوحيد الذي كان يشير حينذاك على عثمان باخلاص رغبة في صيانة هوية الأمة الإسلامية، ويحذره من عواقب الأمور، ويسعى - رغم كل ما نزل به من ظلم - إلى أن لا تصل الأمور إلى هذا الحد، هو الإمام علي (عليه السلام). ويا ليت عثمان كان يصغي لنصائحه ويفي بالعهود التي قطعها على نفسه للناس.
وللإمام علي (عليه السلام) كلام جميل عن موقفه إزاء تلك الأحداث، وعن موقف بطانة عثمان، جاء في بعض منه:
" والله ما زلت أذب عنه حتى إني لأستحي، ولكن مروان ومعاوية وعبد الله بن عامر وسعيد بن العاص هم صنعوا به ما ترى. فإذا نصحته وأمرته أن ينحيهم استغشني حتى جاء ما ترى ".
كانت هذه العوامل وعوامل أخرى غيرها هي التي دفعت إلى الثورة على عثمان، ومهدت للانتقاض ضد الحكومة المركزية.
ذكر المسعودي في مروج الذهب أسباب السخط على عثمان قائلا:
" في سنة خمس وثلاثين كثر الطعن على عثمان وظهر عليه النكير لأشياء ذكروها من فعله، منها: ما كان بينه وبين عبد الله بن مسعود، وانحراف هذيل عن عثمان من أجله. ومن ذلك ما نال عمار بن ياسر من الفتق والضرب، وانحراف بني مخزوم عن عثمان من أجله. ومن ذلك فعل الوليد بن عقبة في مسجد الكوفة... ومن ذلك ما فعل بأبي ذر (1).