" إن الأمر أمر عالمية، والملك ملك جاهلية، فاجعل أوتاد الأرض بني أمية ".
حسنا، لقد فعل عثمان ذلك. ولكن إلى أين وصلوا به؟
لقد كانت جميع الأعمال التي تفعل باسم عثمان، بيد مروان، وهو ذلك الشاب الذي لم يكن يعرف شيئا من تعاليم الإسلام، وكان طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله). وبعدما عاد من منفاه ووطأت قدمه أرض المدينة أفرغ ما في قلبه من حقد متراكم خلال تلك السنين، في ظل السلطة التي منحها إياه خليفة المسلمين، فأخذ يوجه الإهانات لجميع المهاجرين والأنصار، وكان لعمله ذاك تأثير واضح في إثارتهم ضد عثمان.
أصبح الخليفة أداة طيعة بيد مروان بن الحكم، سواء عندما أعلن توبته أمام الملأ، وأرغمه مروان على نقض توبته، أم عندما وافق على عزل والي مصر، لكنه رضخ في أعقاب ذلك لإرادة مروان، وأصدر أمره بقتل ونفي وتعذيب الثوار الوافدين من هناك.
لقد كان مروان هو الذي يملي على عثمان ما يريد، وكان يسعى في جره إلى اتخاذ مواقف متزمتة، حتى إن زوجته نائلة بنت الفرافصة قالت له:
" فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه... وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء ".
وكان سائر مستشاري عثمان من هذا القبيل؛ فعندما جمعهم للتشاور معهم في أمر سخط الناس عليه، أشار عليه معاوية باستخدام القوة ضدهم لإسكاتهم، فيما أشار عليه عبد الله بن عامر قائلا: " أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وأن تجمرهم في المغازي حتى يذلوا لك، فلا يكون همة أحدهم إلا نفسه ".
أما سعيد بن العاص فقد أشار عليه قائلا:
" إن لكل قوم قادة متى تهلك يتفرقوا، ولا يجتمع لهم أمر ".