أثبت عهد خلافة الإمام علي (عليه السلام) عدم استعداد الناس لقبول عودة الحقائق إلى مسارها الأول، مع أن الكثير من المسائل قد تجلت بكل وضوح يومذاك، ومع أن الناس قد أقبلوا بأنفسهم عليه، غير أنه كان يواجه صعوبة في كثير من القرارات، والمثال الواضح على ذلك " صلاة التراويح ".
ولو عرضنا هذا السؤال من زاوية أخرى وقلنا: لماذا لم يقبل الإمام شرط عبد الرحمن؟ نلاحظ هنا أنه (عليه السلام) كان أمام معادلتين:
الأولى: قبول الشرط وإقامة حكومة العدل الإسلامي.
الثانية: عدم قبول الشرط؛ لأنه لم يكن حقا، مع التضحية بهذا المنصب الخطير.
والوجه الآخر للسؤال هو: هل كان عبد الرحمن يعقد له البيعة لو أنه قبل ذلك الشرط؟
يمكن القول بجزم - من خلال الأخبار التي نقلناها عن الشورى، وما كان فيها من تدبير، وكذلك من خلال كلام الإمام (عليه السلام) مع عبد الرحمن - بأن الجواب هو السلب طبعا. وقد أدرك علي (عليه السلام) بعمق نظره الخاص بأن كل هذه التمهيدات التي اتخذت جاءت لتبرير قرار متخذ مسبقا. ولو أن الإمام وافق على الشرط؛ فإن عثمان كان يوافق عليه أيضا، وفي مثل هذه الحالة كان عبد الرحمن سيلجأ إلى ذريعة أخرى، كأن يقول مثلا - كما مر علينا - بأن رؤساء الجيش، وزعماء القبائل يميلون إلى عثمان، وتكون النتيجة هي انتخاب عثمان أيضا، وستكون نتيجة القبول بهذا الشرط هي إضفاء الشرعية من قبل علي (عليه السلام) على قرارات الشيخين، وحاشا أن ينخدع علي - الذي يخترق بصره الحجب السطحية ويرى الحقائق - بمثل هذه المشاهد.