وبعض الحلال والحرام! لقد كان واضحا أن إبلاغ الشرائع وأحكام الحلال والحرام لا يستحق من النبي الخشية والتوجس، كما لا يستتبع من الآخرين المعارضة والعناد.
إنه لأمر غريب ما ذهب إليه عدد من المفسرين! فعندما عجز هؤلاء عن رؤية الحقيقة - أو لم تكن لهم رغبة برؤيتها - تراهم جنحوا لمزاعم واهية وأقوال لا نصيب لها من الصواب.
إن أهمية الآيتين وتحديد زمن نزولهما، يدفعنا إلى تخصيص بحث مستقل لكل واحدة منهما (1).
2 - محتوى الخطبة إن الطريقة التي بدأ بها النبي (صلى الله عليه وآله) خطبته، وكيفية إدامتها، والطريقة التي اختار بها عرض الموضوع، والنسق الحماسي المؤثر الذي شاب كلمات الرسول وذلك الإيقاع المتحرق الأخاذ في كلماته، كل ذلك لا يدع مجالا للشك في أن الموضوع أهم وأخطر بكثير مما تصوره البعض.
لنبق مع إحدى الصيغ التاريخية التي توفرت على بيان النص، ثم نتأمل ما فيه من إيحاءات. عن حذيفة بن أسيد، قال:
" لما قفل رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا حولهن، ثم بعث إليهم فصلى تحتهن، ثم قام فقال: أيها الناس! قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا