الأمة إلى الرفيق الأعلى؛ كي يحفز بذلك الأذهان ويستحثها للتفكير بأمر الخلافة، ويدفعها للتأمل في الصيغة التي تستمر فيها القيادة من بعده.
لقد جاءت كلمات النبي: " إني مسؤول، وأنتم مسؤولون " لتلقي شحنة مركزة وقوية على المسؤولية العامة الملقاة على عاتق الجميع، وكأنه (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا مسؤول أن أصدع بالحق وأهتف بالحقيقة كما هي، وأنتم مسؤولون أن تصغوا وتتأملوا ثم تعملوا.
ثم انعطف يتساءل: لقد مكثت فيكم سنوات مديدة أبلغ رسالات ربي فماذا أنتم قائلون؟ أجاب الحشد بصوت واحد عالي الرنين، رفيع الصدى: نشهد أنك قد بلغت وجاهدت، فجزاك الله خيرا.
واستمر النبي يسترسل بتساؤلاته إلى الجمع المحتشد أمامه، عن أصول ما جاء به إليهم، فشهدوا بالتوحيد والرسالة، وأنه الأولى عليهم من أنفسهم في جميع شؤون الحياة، فأشهد الله عليهم قائلا: اللهم اشهد.
هي ذي اللحظة الموعودة أزفت، إن هذا كله كان كالتمهيد، ترقب عارم يحف بالمشهد، الأبصار تطمح تلقاء المحيا النبوي، الآذان مشدودة إليه، وتساؤلات تسكن الأعماق: ما الذي يريد أن يقوله النبي من وراء ذلك؟
تدفقت الكلمات من فم النبي (صلى الله عليه وآله): " من كنت مولاه فهذا مولاه ".
وطفق النبي بعدها يدعو لمن والاه، وأن من يعتو عن هذا الأمر، ويعلو عليه، ولا يسلم لصاحب الولاية بولايته، فهو في الحقيقة يعلن المعركة ضد الرسول، ويشهرها حربا على النبي نفسه.
أبعد هذا يسف بعاقل رأيه، ويتداعى به حزمه، فيزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل