خرجاته، فانفرد يوما يسير على بعيره فاتبعته، فقال لي: يا بن عباس، أشكو إليك ابن عمك؛ سألته أن يخرج معي فلم يفعل، ولم أزل أراه واجدا، فيم تظن موجدته؟ قلت: يا أمير المؤمنين، إنك لتعلم. قال: أظنه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة. قلت: هو ذاك؛ إنه يزعم أن رسول الله أراد الأمر له. فقال: يا بن عباس، وأراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأمر له فكان، ماذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك! إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد أمرا وأراد الله غيره، فنفذ مراد الله تعالى ولم ينفذ مراد رسوله، أو كلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان؟! إنه أراد إسلام عمه ولم يرده الله فلم يسلم!
وقد روي معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ، وهو قوله: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد أن يذكره للأمر في مرضه، فصددته عنه خوفا من الفتنة، وانتشار أمر الإسلام، فعلم رسول الله ما في نفسي وأمسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم (1).
909 - شرح نهج البلاغة عن ابن عباس: دخلت على عمر في أول خلافته، وقد ألقي له صاع من تمر على خصفة (2)، فدعاني إلى الأكل، فأكلت تمرة واحدة، وأقبل يأكل حتى أتى عليه، ثم شرب من جر (3) كان عنده، واستلقى على مرفقة له، وطفق يحمد الله يكرر ذلك، ثم قال: من أين جئت يا عبد الله؟ قلت: من المسجد. قال: كيف خلفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر؛ قلت:
خلفته يلعب مع أترابه. قال: لم أعن ذلك، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت. قلت:
خلفته يمتح بالغرب (4) على نخيلات من فلان، وهو يقرأ القرآن. قال: يا عبد الله،