بكلمات الله وتجهر بها؟ فادع - إذا - واصدع وبلغ، إنما بدقة متناهية، وبصيغة مؤثرة وثابتة (وما على الرسول إلا البلغ).
* (ما أنزل إليك من ربك).
ترى ما الذي (أنزل إليك)؟ ولماذا لم يصرح به؟ إنما كان ذلك كي يكشف عن الموقع الرفيع الذي يحظى به الأمر. وجاء بهذه الصيغة إجلالا وتعظيما لذلك الأمر، ولكي يشير إلى أنه ليس لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من الأمر شيء، ولا له فيه إرادة واختيار، بل مهمته الإبلاغ وحسب.
من جهة أخرى تنم هذه الصيغة عن صحة فراسة النبي لما كان يرتقبه من ردود فعل متوجسة تصدر عن القوم، مما جعل الله سبحانه يدع الأمر في هالة من الغموض والإبهام، ما برحت تلقي ظلالها على الموقف حتى تحين لحظة البلاغ، وينطق النبي بكلمة السماء.
* (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته).
يحار الإنسان لأولئك الذين جنحوا في تفسير الآية إلى كلام آخر، وحين راموا الصدود عن " الحقيقة " سلكوا طريقا واهيا لا يأوي إلى قرار!
ترى كيف يفسرون هذه الجزء من الآية؟ وما هو المعنى الذي يسوقونه إذا أخذنا بنظر الاعتبار ما تصرح به بعض التعاليم الإلهية من النهي عن الكتمان؟
ترى ما الذي يؤدي كتمانه وعدم إظهاره والتأكيد عليه، مما نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلى بلوغ حالة يصير فيها بنيان الرسالة في مهب الريح وكأنها لم تبلغ!
وأي أمر هذا الذي إذا غاب عن الأذهان، واستطاع أعداء الرسالة وأده والقضاء عليه في واقع المجتمع؛ يتقوض أساس هذا الدين، وكأنه لم يكن!