في باطنهم كانوا يعارضون دين الحق، ويسعون لإطفاء أنواره بكل ما أوتوا من جهد وقوة. إن هذه المواجهة يمكن أن تعد أوسع مدى وأشد وطأة من دائرة عمل المنافقين؛ فهي تتخطاها إلى تخوم أوسع كما تشهد على ذلك وقائع التاريخ، وكما سنشير إليه في حينه، ومن ثم هل يمكن أن يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أغضى عن ذلك؟ (1) وهل يجوز أن نتصور أن هذا القائد العظيم أهمل هذا - وغيره - وترك الأمة هملا من دون تدبير؟!
ينبغي أن يضاف إلى هؤلاء تلك العناصر التي كانت حديثة عهد بالإسلام، حيث لم تدخل هذا الدين إلا بعد فتح مكة، فهؤلاء لم تترسخ حقائق الدين في نفوسهم بعد، ولم تتمكن من وجودهم كما ينبغي. ومن ثم فهم عرضة للتغيير مع أول طارئ، ويمكن أن تقذفهم الأوضاع إلى طريق آخر، كما أثبتت ذلك التيارات التي عصفت بالحياة الإسلامية بعد النبي.
د: اليهود والقوى الأخرى والأخطار الخارجية الإسلام دعوة انقلابية تتضمن الهدم والبناء، فقد قوضت حركة هذا الدين الأحابيل والخطط الشيطانية، شيدت على أنقاضها بناء جديدا.
لقد جاء النبي (صلى الله عليه وآله) برسالة تطمح أن تقود العالم، وتكون لها الكلمة الأخيرة في الحياة الإنسانية، ولما أدرك الأعداء هذا المعنى، دخلوا في مواجهة حامية مع الدين الجديد سخروا لها جميع قدراتهم، ولم يكفوا عن مقارعته حتى الرمق الأخير. ولما تبين لهم أن لغة الصراع المباشر لم تعد تغني شيئا، لجؤوا إلى