وضمان ديمومة الرسالة.
والسؤال: هل يصح مثل هذا التصور؟
إن الوقائع الحقيقية لمجتمع الصدر الأول تسفر بوضوح عن عدم صواب هذا التصور، وأن هناك أخطارا جذرية جادة كانت تتهدد المجتمع الإسلامي آنئذ، وتوشك أن تعصف بكيانه، وهي:
أ: الفراغ القيادي لم يكن قد مر وقت طويل على تأسيس الأبعاد الثقافية والاجتماعية والسياسية للمجتمع الذي أسسه النبي (صلى الله عليه وآله)، ومن ثم كان النبي القائد يمسك بنفسه أزمة الثقافة والسياسة والقضاء في هذا المجتمع.
على صعيد آخر حالت الحروب المتوالية وأجواء المواجهة الدائمة، دون أن يتمكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من تعميم ثقافة الرسالة، ونفوذ معاييرها في واقع ذلك المجتمع، وعلى مستوى جميع الأبعاد؛ فما أكثر من حمل عنوان الصحبة وهو لم يتوفر بعد على تصور عميق ودقيق لمبادئ الدين، ولم ينطو على معرفة وافية بشخصية النبي وأبعاد الرسالة.
إن مجتمعا كهذا حري به أن يواجه الزلزال، ويصبح على شفا أزمة عاصفة في اللحظة التي يختفي بها القائد، وتحيطه أجواء محمومة يكتنفها الاضطراب من كل جانب، مجتمع كهذا حري به أن يفقد قدرته على اتخاذ القرار الصائب، ولا يلبث أن يقع في الشباك المترصدة، ومن ثم يصير طعمة سائغة لألا عيب الساسة وأحابيلهم.
فيا ترى، هل يمكن مع هذا الواقع المتردي - الذي سجل له التاريخ أمثلة