القيادة التي تنتظرها، إلى أسلوب غائم غير واضح، وغير محدد المعالم والتفاصيل!
على أن الذي يدحض هذا التصور ويستبعده تماما هو موقف التيار الذي طالب بالخلافة، ثم تبوأ مقعدها؛ فكل الأرقام والشواهد في حياة هؤلاء تدل بصورة لا تقبل الشك أن أي واحد من هؤلاء لم يستند إلى الشورى كميراث نبوي، ولم يستدل على صحة موقفة بأن النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي اختار نظام الشورى للأمة من بعده، وليس في حياتهم ما ينبئ عن إيمانهم بالشورى وممارستهم لهما عمليا، فأبو بكر اتجه إلى " النصب " في تعيين البديل الذي يخلفه، أما عمر بن الخطاب فلم يلجأ إلى خيار الشورى السداسية إلا بعد أن دفعته الضرورة لذلك، حيث لم ير البديل المناسب؛ وفي ذلك يقول وهو على فراش الموت: " لو أدركني أحد رجلين لجعلت هذا الأمر إليه، ولو ثقت به؛ سالم مولى أبي حذيفة، وأبي عبيدة بن الجراح (1)، ولو كان سالم حيا ما جعلتها شورى " (2).
بهذا يتضح أن هذه النظرية لا تمت إلى واقع النبي (صلى الله عليه وآله) بصلة، بل هي مما أنتج بعد ذلك بزمن، وتم صياغتها بمرور الوقت لتبرير ما وقع في صدر التاريخ الإسلامي وتصويبه، ومن ثم فهي أقرب إلى تنظير ما بعد الوقوع (3)!