وعلى هذا سنكون أمام سؤال جاد وخطير لا يمكن تخطيه بسهولة، بالأخص بعد أن تحول إلى هاجس يثير اهتمام أعلام المسلمين ومفكريهم على مر التاريخ؛ والسؤال هو: ما دامت الحياة ستنتهي بهذا القائد الرباني الفذ بعد سنوات الدعوة والجهاد إلى الموت، وما دام النبي سيرحل صوب الرفيق الأعلى ملبيا نداء ربه، فما الذي دبره لمستقبل هذا الدين الباقي على مدى الزمان؟ وماذا فعل لتأمين مستقبل دعوته وضمان ديمومة رسالته؟ هل حدد خيارا خاصا للمستقبل أم إنه لم يفكر بذلك قط، وترك الأمر برمته إلى الأمة؟
كثرت كتابات المسلمين علماء ومحدثين ومتكلمين عن هذا الموضوع، وانتهوا إلى نظريات متعددة (1). وما يلحظ أن هذا الاتجاه التنظيري سعى إلى تثبيت وقائع التاريخ الإسلامي وتحويلها إلى معيار أشادوا على أساسه أصولا ومرتكزات.
لكن أين تكمن الحقيقة؟! يقضي التدبر العميق في الموضوع، ودراسة حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشمول، إلى أن الموقف النبوي من مستقبل الرسالة لا يخرج عن أحد احتمالات ثلاث، هي:
1 - إن النبي (صلى الله عليه وآله) أغضى عن مستقبل الدعوة، وأهمل الأمر تماما من دون أن