ويقول المؤرخون إن السبب في ذلك أن مروان الذي كان مستشارا له ووزيرا، قد دخل عليه فلامه وعذله على ما صنع قائلا:
" تكلم واعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا، وان ما بلغهم عن امامهم كان باطلا، فان خطبتك تسير في البلاد، قبل ان يتحلب الناس عليك من أمصارهم فيأتيك من لا تستطيع دفعه... ".
وامتنع عثمان من اجابته لأنه دعاه لان يناقض نفسه، وأن يقول غير الحق، ولكنه ما زال به يحذره مغبة ما صنع، ويخوفه عاقبة الأمور، ولم تكن لعثمان إرادة صلبة، ولا عزم ثابت، فكان ألعوبة بيد مروان فاستجاب له، واعتلى المنبر فخاطب الناس قائلا:
" أما بعد: إن هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر فلما تيقنوا انه باطل ما بلغهم رجعوا إلى بلادهم... ".
وانبرى المسلمون إلى الانكار عليه، وناداه عمرو بن العاص:
" اتق الله يا عثمان، فإنك قد ركبت نهابير (1) وركبناها معك فتب إلى الله نتب معك ".
فصاح به عثمان.
" وانك هنا يا ابن النابغة؟ قملت والله جبتك منذ تركتك من العمل؟ ".
وارتفعت أصوات الانكار من جميع جنبات الحفل وهي ذات لهجة واحدة.
" اتق الله يا عثمان ".
" اتق الله يا عثمان ".
وانهارت أعصابه، وتحطمت قواه فحار في الجواب، ولم يجد بدا