" هذه القصة تضع بين أيدينا شيئا جديدا غير العطاء الذي يرجع إلى مكان العاطفة تضع بين أيدينا صورة من الاغضاء عن مجاوزة السلطة للقانون والاغضاء في واقعة دينية، بحيث يجب على الخليفة أن يكون أول من يغار عليها، وإلا هدد مكانه وافسح للناس مجال التقول والتجريح، وبالأخص حين جاءت حكومته عقيب حكومة عمر التي عرفت بالشدة فيما يتعلق بالحدود الدينية حتى لو كان من أقرب ذوي القربى.
إذن فهذه المبالغة في الاغضاء والصفح والمجاوزة لا ترجع إلى مكان العاطفة وحدها ان كانت بل إلى الحزبية أيضا حتى تتناصر مجتمعة... " (1).
وعلى أي حال فان الوليد قد ترك أثرا سيئا في الكوفة فقد تأثرت بمجونه فكانت سيرته نقطة تحول في هذه المدينة - التي كانت تضم الصحابة والتابعين - إلى مدينة المجان واللاهين، فقد أعزى الوليد الناس إلى الاندفاع نحو المتع واللهو، وأسست في الكوفة دور للغناء والطرب، وانتشر فيها المجان، وكان من المغنين فيها عبد الله بن هلال الذي لقب بصاحب إبليس (2) وحنين الخيري الشاعر النصراني (3).
4 - عبد الله بن سعد:
واستعمل عثمان أخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح على مصر فجعل بيده صلاته وخراجه (4) وكان من أخطر المشركين، وأكثرهم عداءا للنبي (ص) وسخرية منه، وكان يقول مستهزءا بالنبي (ص):
إني أصرفه حيث أريد، وقد أهدر النبي دمه، وإن وجد متعلقا بأستار