مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان - يعني عمر - بعده، ثم تمثل بقول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا!! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها... " (1).
وكشف هذه الكلمات عن مدى أحزانه وآلامه على ضياع حقه الذي تناهبته الرجال، فقد وضعوه في تيم مرة وفي عدي تارة أخرى، وتناسوا جهاده المشرق في نصرة الاسلام، وما له من المكانة القريبة من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وعلى أي حال فقد تناهبت الأمراض جسم أبي بكر، ودفعته إلى النهاية المحتومة، التي ينتهي إليها كل انسان، وقد راح يبدي ندمه وأساه على ما فرط تجاه حبيبة رسول الله وبضعته قائلا:
" وددت أنى لم اكشف بيت فاطمة، ولو أنهم أغلقوه على الحرب ".
كما أنه ود لو سأل رسول الله عن ميراث العمة وبنت الأخ، وثقل حاله فدخلت عليه بنته عائشة تعوده فلما رأته يعالج سكرات الموت أخذت تتمثل بقول الشاعر:
لعمرك ما يغنى الثراء عن الفتى * إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فغضب أبو بكر وقال لها: ولكن قولي: " وجاءت سكرت الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " (2) ولم يلبث قليلا حتى وافاه الاجل المحتوم، وانبرى صاحبه عمر إلى القيام بشؤون جنازته، فغسله، وصلى عليه وواراه في بيت النبي (ص) وألصق لحده بلحده، ويذهب النقاد من الشيعة إلى أن