أن يعزيهم بوفاة منقذهم، ويذكرهم باحسانه وبره بدينهم ودنياهم، ويدعوهم إلى القيام بتشييع جثمانه الطاهر حتى يواروه في مثواه الأخير ويعودوا بعد ذلك إلى عقد مؤتمر عام يضم جميع الطبقات الشعبية من المسلمين لينتخبوا عن ارادتهم وحريتهم من يرضونه خليفة لهم على تقدير أن النبي (ص) لم يعهد لاحد من بعده.
2 - ان منطق هذا الخطاب هو طلب الامرة والسلطان، ولا يعني بأي شئ آخر غير ذلك، وقد عرض فيه على الأنصار أن يتنازلوا لإخوانهم المهاجرين عن الخلافة ولا ينافسوهم في شؤون الملك، ومناهم عوض ذلك أن يكونوا الوزراء إلا أنه لما تم له الامر أجحف في حقهم فلم يمنحهم أي منصب من شؤون دولته، وأقصاهم عن جميع مراتب الحكم 3 - ان هذا الخطاب قد تجاهل بالمرة حق العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم، أو كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى حسبما يقول النبي (ص): فكان الأولى التريث بالامر حتى يتم تجهيزه (ص) ويؤخذ رأي أهل بيته في ذلك لتحمل الخلافة طابعا شرعيا، ولا توصم بالفلتة كما وصفها عمر إذ يقول: " إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها " ويقول الامام شرف الدين:
" فلو فرض أن لا نص بالخلافة على أحد من آل محمد (ص) وفرض كونهم غير مبرزين في حسب أو نسب أو أخلاق أو جهاد أو علم أو عمل، أو ايمان، أو اخلاص، ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل بل كانوا كسائر الصحابة، فهل كان مانع شرعي، أو عقلي، أو عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة إلى فراغهم من تجهيز رسول الله (ص)؟ ولو بأن يوكل حفظ الامل إلى القيادة العسكرية موقتا حتى يستتب أمر الخلافة؟
أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق بأولئك المفجوعين؟ وهم