وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه، ثم قال: بعد العشرين ومائة موت سريع، وقتل ذريع، ففيه هلاكهم، ويلي عليهم رجل من ولد العباس (1) لقد استشف النبي (ص) من وراء الغيب ما تمنى به أمته من بعده من الكوارث والفتن من جراء ما يحدث فيما بينها من الصراع الرهيب على الحكم، حتى يؤل أمر المسلمين، واذلالهم، كما أخبر بما سيجري على سبطه من القتل والتنكيل من يزيد بن معاوية، وأخبره (ص) عن زوال الحكم الأموي، وانتقاله إلى بني العباس، وعما تعانيه الأمة في تلك الفترات العصبية من القتل والجور والظلم، وقد تحقق جميع ذلك على مسرح الحياة كما أخبر الصادق الأمين.
13 - روى ابن عباس قال: لما أتت على الحسين سنتان من مولده خرج النبي (ص) في سفر له، فلما كان في بعض الطريق وقف فاسترجع، ودمعت عيناه، فسئل عن ذلك؟ فقال: هذا يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها كربلا، يقتل بها ولدي الحسين بن فاطمة، فانبرى إليه نفر من أصحابه فقالوا له:
" من يقتله يا رسول الله؟! ".
فاندفع يجيبهم بنبرات متقطعة حزينة قائلا:
" رجل يقال له يزيد لا بارك الله في نفسه، وكأني أنظر إلى مصرعه ومدفنه بها، وقد أهدى برأسه، والله ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه... ".
ولما قفل النبي من سفره كان مغموما، فصعد المنبر ووعظ المسلمين وقد حمل حفيديه وريحانتيه، فرفع رأسه صوب السماء وقال: