الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٤٨
لما مات الحسن كبر أهل الشام: فقالت فاختة بنت قريظة لمعاوية.
أعلى موت ابن فاطمة تكبر؟ قال: ما كبرت شماتة بموته ولكن استراح قلبي.
وقال له ابن عباس: والله يا معاوية لا تسد حفرته حفرتك ولا يزيد عمره في عمرك..
وطلب معاوية البيعة لنفسه من محمد بن مسلمة الفدائي الثاني من أصحاب الرسول - إذ علي الفدائي الأول (1) فقال له (لعمري يا معاوية

(1) أول عمل فدائي في الإسلام قام به علي ليلة نام في فراش النبي.
ومحمد بن مسلمة هو الرجل الثاني في هذه المدرسة. سمع الرسول يقول - في المدينة - من لكعب ابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله - وكان كعب يؤذى المسلمين بهجائه ويحرض قريشا عليهم - فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال نعم. قال: فأذن لي أن أقول شيئا (مما يتقرب به إلى كعب وهو بحسب الظاهر طعن في الإسلام) قال النبي: قل ما بدا لك - فأتاه محمد بن مسلمة في نفر من الأنصار منهم أبو نائلة أخو كعب من الرضاع.
قال ابن مسلمة: يا كعب إن هذا الرجل (يعنى النبي) قد عنانا بالصدقات وإني قد أتيتك استسلفك. قال كعب: والله لتملنه. قال ابن مسلمة: إنا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر ما يكون من شأنه. وقد أردنا أن تسلفنا وسقا أو وسقين. قال: فأرهنوني نساءكم. قال ابن مسلمة: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب. قال: فأرهنوني أبناءكم. قال ابن مسلمة:
كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال رهن بوسق أو وسقين. نرهنك السلاح. فقبل... وتواعدوا على الليل حتى جاءوه فنزل إليهم من حصنه فضربوه بأسيافهم فقتلوه.
وكان ابن مسلمة. يسمى " فارس رسول الله ". كان على رأس مائة فارس يسبقون المسلمين طلائع لهم يوم الحديبية. واستخلفه الرسول على المدينة عندما سار بجيش العسرة ليرد الروم إلى تخوم شبه الجزيرة بعد فتح مكة.
وكان سعد بن أبي وقاص بطل القادسية وفاتح العراق، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومنهم الراشدون الأربعة. والرسول يقول عنه هذا خالي. فليأت كل فتى بخاله! وقد دعا له الرسول بالاستجابة لدعائه: فكان الكل يخشى أن يدعو عليه. لكن عمر بلغه أن سعد بن أبي وقاص بنى لنفسه قصرا وجعل عليه حاجبا فبعث إليه محمد بن مسلمة ليحرق عليه القصر وكتب إلى سعد يقول: (بلغني أنك بنيت قصرا اتخذته حصنا ويسمى بيت سعد.. وجعلت بينك وبين الناس بابا. فليس بقصرك. ولكنه قصر الخبال) وصنع محمد بن مسلمة - وعاد بسعد وبالشاكين إلى عمر. فضن عمر بسعد عليهم ورفض أن يعيده إلى بلدهم.. وقال لعثمان إني لم أعزله عن خيانة. ووضعه بين الستة أصحاب الشورى.
ولما دارت المكاتبات بين عمر وعمرو بن العاص. فاتح مصر - بعث إليه محمد بن مسلمة وكتب إليه يقول (إنه قد فشت لك فاشية من متاع ورقيق وآنية وحيوان لم تكن لك حين وليت مصر) وأجاب عمرو إن أرضنا أرض زرع وشجر ونحن نصيب فضلا عما نحتاج لنفقتنا.
ورد عمر (إني خبرت من عمال السوء ما كفى وكتابك إلى كتاب من أقلقه الأخذ بالحق.
وقد سؤت بك ظنا. ووجهت إليك محمد بن مسلمة ليقاسمك مالك. فأطلعه طلعك. وأخرج إليه ما يطالبك. وأعفه من الغلظة. فقد برح الخفاء).
فقاسم محمد عمرا. وعمرو يقول متوجعا (إن زمانا عاملنا فيه ابن حنتمة (أم عمر) هذه المعاملة لزمان سوء. لقد كان العاص يلبس الخز بكفاف الديباج) قال محمد (: لولا زمان ابن حنتمة هذا الذي تكره ألفيت معتقلا عنزا بفناء بيتك) قال عمرو (أنشدك الله لا تخير عمر بقولي فإن المجالس بالأمانة) قال محمد (لا أذكر شيئا مما جرى وعمر حي).
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست