أصلا. بل علم إقناعي يبلغ أن يكون: أحرى وأولى وأجدر لا غير، لكن استعمال الناس له وتقبلهم فيه واستدلالهم به والعمل في أمورهم عليه أكثر كثيرا جدا.. وليس في هذا الباب علم يقين واجب. وإنما وقع منه تعلق واستشهاد الشاهد على الغائب. لما في النفس من الظن والحسبان فان الأمور " ينبغي أن تجرى على نظام ومشابهة ومماثلة " فإنك تجد أكثر الناس يجرون أمورهم على هذا الحسبان والظن).
يقول جابر (.. و بالجملة فليس لأحد أن يدعى أنه ليس في الغائب إلا مثل ما شاهد... إنما ينبغي له أن يتوقف حتى يشهد البرهان بوجوده من عدمه..) فهو ينقد القياس من الناحية المنطقية أو الرياضية ليترك المجال مفتوحا للحقائق القاطعة التي تثبت بالتجارب.
وحسبك دليلا على دقة طريقة التدليل بآثار الأشياء، أن تجدها إحدى المسلمات في المعامل والجامعات، في القارات جميعا. منذ بدأ الأخذ بطريقة التجربة والاستخلاص حتى اليوم. وستبقى أبدا.
وعند ما توضع أقوال جابر (1) في القرن الثاني للهجرة إلى جوار أقوال " الحسن بن الهيثم " (354 - 430) بعد أكثر من قرنين. وقد عمل في خدمة الدولة الفاطمية، وهي دولة من دول الشيعة، وله 47 كتابا في الرياضيات و 58 كتابا في الهندسة، تتأكد لنا طريقة التجربة والاستخلاص