ولكي يقدر القارئ الكريم قيمة ما فاه به عمرو بن عبيد نذكره أن عمروا هذا، هو الذي قال فيه أبو جعفر المنصور، الخليفة العباسي، يوم كان يوازن بين الناس ويكشف عن حقيقة ما كمن في نفوسهم من شهوات:
كلكم يطلب صيد * غير عمرو بن عبيد فهو في شهادة حاكم لم يعرف من الناس غير التملق، ومجانبة الحق، اكراما له، ورغبة في صلاته والاستمتاع بمتاعه، إنسان متميز من الجميع، لا يزور الحاكم إلا طلبا لرضى الله ورغبة في تقويم ما انحرف من أقواله وأعماله.
ومهما يكن الأمر فقد كان الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه من أولئك الذين عاش القرآن في نفوسهم وبدا في أقوالهم وأعمالهم يمشي فيهم على قدميه ويعمل فيهم بيديه ويفكر فيهم بعقله.
لقد كان هذا الإمام نورا في الليلة الليلاء والدجنة الطخياء يستهدي به الضال ويستنير به الأعمى ويستفيد منه المتعلم.
وقد كنت أحب أن أكثر من الشواهد التي تشهد على عظيم فضله في إدراك روح القرآن وتفهمه لمعانيه. فقد كان رحمه الله مرجعا يرجع إليه في توضيح ما تشابه من آيات الله وتعميق المحكمات من هذه الآيات حتى أن عمرو بن عبيد، الرجل العدل، الكبير القلب، الواسع المعرفة، يأتيه ليأخذ عنه بعض ما يعلم من معاني القرآن وجوانب الإسلام.
وقد كنت أتمنى على جامع هذه الأخبار التي قدمت مدخلي هذا بين