القرمزي عند الغروب، أو أشباح الليل الغامضة، أو شعاعات الفجر الزاهية، أو أنوار النهار الساطعة، برز هذا البناء، وقد انبعثت منه أروع الحوافز وأقدس الذكريات.
وأما أن الإنسان الواعي قد اهتدى إلى هذه الحقيقة فليس أدل عليه من العناية البالغة التي يبذلها المربون في كل أمة، في إعداد المنهج التاريخي.
إن الطالب في مدرسته، لا يكاد يجد في كتب تاريخ قومه، غير سطور لامعة، وأمجاد رائعة، وعبقريات خصبة. إنه يجد في هذه الكتب أن أمته قد شاركت في كل إنتاج إنساني جميل. فلها جولات في كل علم، ولها فرائدها في كل فن، ولها خوالدها في كل بطولة.
يتحول بها الدكتاتور مصلحا عظيما. ويصبح بها المجرم إنسانا كريما.
تمحي بها النقاط السوداء وتستقيم بها الطرق المعوجة وتضاء بها الزوايا المظلمة الغامضة. فيخرج الطالب بعد سنين قليلة من دراساته وقد صيغت روحه صياغة تحقق للمربين أهدافهم. إنه يخرج وقد آمن أن أمته هي موطن الرسالات الخالدة، ومبعث للأعمال الأدبية الرائعة، وحنين لا يكاد ينضب معينه لجلائل الأعمال العلمية التي تقرب الإنسان من الحقيقة.
إنه يخرج وفي نفسه رغبة في الابقاء على روعة هذا التاريخ وجلاله.
وفي قلبه شعلة تنير له الطريق إلى المستقبل الصاعد، وبين يديه الآلة التي يتابع بها رفع قواعد البناء التاريخي، فيضيف إلى مداميكه مدماكا، وإلى أحجاره حجارة صلبة شديدة.
وكان لأهمية التوجيه التاريخي مظهر آخر نجده عند هؤلاء المربين.