الشاعر والقصاص الفرنسي فيكتور هيجو، من أبناء القرن التاسع عشر، ولا سيما الفصل الذي يتحدث فيه عن الكاهن دوم كلود فروللر، أحد أبطال قصته، لوجدنا في شخصية هذا الكاهن العلمية، ما يصور تمام التصوير شمول المعرفة عند علماء القرن الخامس عشر الميلادي أو ما قبله من القرون.
ولعلنا، لو رجعنا أيضا إلى ما كتبه المؤرخون عن ديكارت وزملائه، فلاسفة عصر النهضة وعلمائها، لوجدنا هذه الظاهرة بالذات. وإذا كانت شخصية ديكارت التاريخية، هي شخصية الفيلسوف الذي وضع ما يسمونه " بالمنهج الديكارتي " طريقة جديدة للبحث عن الحقيقة، وتنظيم الأفكار والعلوم، فإن هذا لم يحل دون أن يكون ديكارت يومذاك عالما بالرياضيات محيطا باللاهوت الكنسي، مطلعا على التاريخ، مشاركا في العلوم الطبيعية النظرية والعملية التي كانت المجامع العلمية قد توارثتها عن الآباء والأجداد.
وقد نسب إلى ديكارت أنه أول واضع للهندسة التحليلية. أي تطبيق الهندسة على الرياضيات. وفي هذه النسبة، صحيحة كانت أو باطلة في نظر التحقيق التاريخي، ما يدل على مشاركة ديكارت في علوم أخرى، غير الفلسفة العقلية النظرية والمدنية التطبيقية.
ولا بدع أن يبدو هذا الاتجاه الإنساني في ثقافة الأوروبيين عبر القرون الوسيطة وبداية عصر النهضة، لأن الثقافة الإسلامية العربية قد رشحت إليهم من العالم الإسلامي، بل انتقلت في مؤلفات عدد كبير من علمائه، وفقهائه، وفلاسفته، ممن كان ابن رشد، الفقيه الفيلسوف الأندلسي عنوانا لهم في الأوساط الغربية. ولعل فيما يروى عن تدفق الطلاب الغربيين على