عليا معصومة عن الخطأ راغبة عن كل جديد. أما المنهج الديمقراطي في المعرفة كما هو في السياسة والاجتماع فهو شعبي، متحرك، للفرد فيه كما للجماعة طابع خاص، يتطور ويتنوع، تظهر فيه الوحدة متنوعة، ويظهر فيه التنوع ذا وحدة عامة. أما العقل فيه فهو عقل حر، فردي وجماعي في الوقت نفسه، مستعد دائما للرجوع عن خطأه، تصبح عنده الهرطقة خطأ في التفكير، وتتحول الزندقة في نظره، انحرافا عن الوجه المنطقي السليم. وانتصرت الديمقراطية لأن الحرية العقلية في تحرقها وتطورها واستعدادها لمحاسبة نفسها قد انتصرت.
وقد احتدمت المعركة بين الكنيسة وبعض علماء القرون الوسطى، لأن المنهج الكنسي منهج مرتبط بأسرار دينية ومسلمات فكرية لا حول له عنها. ولذلك فهو يشجب كل ما لا يتفق مع مقاصد هذه المسلمات وتلك الأسرار. أما منهج الثائرين من علماء القرون الوسطى فهو منهج يؤمن بالتجربة، ويثق بقدرة العقل على التفكير الحر، ويشجب الأسرار في كل نشاط اجتماعي أو ديني أو سياسي أو اقتصادي.
والتجربة لا تكون صحيحة، ما لم تكن حرة في إخضاع كل شئ، بل في إخضاع كل وجود لوسائلها الفنية وطرائفها التكنولوجية. وانتصر منهج الثائرين من العلماء، لأن التجربة التي نادوا بها وانتصروا لها، قد اكتسبت يوما بعد يوم مزيدا من الجنود، ومزيدا من القوة، ومزيدا من الثقة في نفوس الناس.
وقد احتدمت المعركة بين الرسول العربي، عليه السلام، وبين المشركين العرب من خصومه، لأن منهج المشركين تستغله الفئة الحاكمة من