خواطري، والغرائب أسرار ضمائري، لأني قد خرقت الحجاب، وأظهرت العجاب، وأتيت بالباب، ونطقت بالصواب، وفتحت خزائن الغيوب، وفتقت دقائق القلوب، وكنزت لطائف المعارف، ورمزت عوارف اللطائف، فطوبى لمن استمسك بعروة هذا الكلام، وصلى خلف هذا الامام، فإنه يقف على معاني الكتاب المسطور، والرق المنشور، ثم يدخل إلى البيت المعمور، والبحر المسجور، ثم أنشد يقول:
لقد حزت علم الأولين وإنني * ضنين بعلم الآخرين كتوم وكاشفت أسرار الغيوب بأسرها * وعندي حديث حادث وقديم وإني لقيوم على كل قيم * محيط بكل العالمين عليم ثم قال: لو شئت لأوقرت من تفسير الفاتحة سبعين بعيرا.
ثم قال: (ق والقرآن المجيد) كلمات خفيات الاسرار، وعبارات جليات الآثار، ينابيع عوارف القلوب، من مشكاة لطائف الغيوب، لمحات العواقب كالنجوم الثواقب، نهاية الفهوم بداية العلوم، الحكمة ضالة كل حكيم، سبحان القديم يفتح الكتاب، ويقرأ لجواب، يا أبا العباس أنت إمام الناس، سبحان من يحيي الأرض بعد موتها، ويرد الولايات إلى بيوتها، يا منصور تقدم إلى بناء السور، ذلك تقدير العزيز العليم.
وهذا آخر ما سمعته من لفظه النوراني، وأضبطه من كلامه الروحاني في هذا الباب:
قال النبي (ص): أنا مدينة العلم وعلي بابها، قال الله تعالى (وأتوا البيوت من أبوابها)، فن أراد العلم فعليه بالباب.
وقد أظهر إحكام اللفظ بقوله الفاعل مرفوع، والمفعول منصوب، والمضاف إليه مجرور.