النفوس على حب من أحسن إليها.
قال القاضي: فقد استبان لك أنه - صلى الله عليه وسلم - مستوجب للمحبة الحقيقية شرعا بما قدمناه من صحيح الآثار، لافاضته الاحسان علينا، من رأفته بنا ورحمته لنا وهدايته إيانا وشفقته علينا، وانقاذنا من ورطة الجهالة، وإنه بنا رؤوف رحيم، ورحمة للعالمين وقد جمع الله تعالى فيه جميع أسباب المحبة المتقدمة، فإن الله تعالى جمله بجمال الصور الظريفة وبكمال الأخلاق والباطن وبمكارم الاحسان، وكرائم الانعام.
قال القاضي - رحمه الله تعالى -: فإذا كان الانسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفا. أو أنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع فمن منحه ما لا يبيد من النعيم ووقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم فهو أولى بالحب، وإذا كان يحب بالطبع ملك لحسن سيرته، أو حاكم لما يؤثر عنه من قوام طريقته، أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه، أو كرم شيمته، فمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال أحق بالحب وأولى بالميل، وقد قال علي - رضي الله تعالى عنه - في صفته - صلى الله عليه وسلم -: من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه.
الثالث في بيان غريب ما تقدم:
جلل: - بجيم فلام مفتوحتين فلام أخرى - أي هين حقير.
بكا: بضم الموحدة - قصر لضرورة الوزن.
الأسحار: - بهمزة مفتوحة، فسين ساكنة، فحاء مفتوحة مهملتين، فألف، فراء - خصتها بالبكاء لأنها أوقات خلوة وابتهال إلى الله تعالى، قال لقمان لابنه: " يا بني لا يكن الديك أكيس منك ينادي بالاسحار وأنت نائم ".
المنايا: بميم فنون مفتوحتين فألف فتحتية فألف - جمع منية: وهي الموت من منى الله عليك بمعنى قدر، لأنه مقدر بوقت مخصوص.
أطوار: - بهمزة مفتوحة، فطاء مهملة ساكنة، فواو فألف فراء - حالات شتى مختلفة.
الدثنة: - بدال مهملة مفتوحة، فمثلثة مكسورة، فنون مشددة مفتوحة -.