عمرو بن أمية الضمري في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه، وكتب معه كتابا [فيه] (1):
" بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الاصحم ملك الحبشة، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخته كما خلق آدم بيده، ونفخته وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعاته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفر ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاؤوك فأقرهم، ودع التجبر فإني أدعوك وجنودك إلى الله تعالى، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى. فكتب النجاشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النجاشي الاصحم بن أبجر، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته، لا إله إلا هو الذي هداني إلى الاسلام، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه، فأشهد أنك رسول الله صادقا ومصدقا، وقد بايعتك. وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين، وقد بعثت إليك يا رسول الله بأريحان بن الأصحم بن أبجر، فإني لا أملك إلا نفسي، وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإني أشهد أن ما تقول حق.
وروى أيضا عن ابن إسحاق - رحمه الله تعالى - قال: هذا كتاب من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الأصحم عظيم الحبشة، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك، له، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسوله، فأسلم تسلم (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) [آل عمران 64] فإن أبيت فعليك إثم النصارى من قومك.
تنبيه: قال ابن كثير: وفي ذكره هاهنا نظر، فإن الظاهر أن هذا الكتاب إنما هو إلى النجاشي، وذلك حين كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الله عز وجل قبيل الفتح، قال الزهري: كانت كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم واحدة - يعني نسخة واحدة، وكلها فيها هذه الآية [وهي سورة آل عمران] وهي مدنية بلا خلاف، وقوله فيه إلى النجاشي الأصحم، لعله مقحم من الراوي بحسب ما فهم.
وأنسب من هذا ما رواه البيهقي عن محمد بن إسحاق قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -